الجمعة، 4 يناير 2013

4:47 ص

فتاوي في الحج للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله



السؤال: لقد توفيت أم والدي قبل عامين وكانت تاركة للصلاة، لكنها تصوم رمضان، وقد قام والدي العام الماضي وحج لها، فهل هذه الحجة صحيحة؟
الإجابة: التارك للصلاة كافر عند جمع من أهل العلم ولو كان لا يعلم منه جحود وجوبها؛ لأن ترك الصلاة من الكبائر العظيمة وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تاركها يكون كافراً يقول -عليه الصلاة والسلام -: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة"، والحكم يعم الرجل والمرأة - الأحكام المعلقة بالرجال تعم النساء، والمعلقة بالنساء تعم الرجال إلا ما خصه الدليل -، ولهذا في الحديث الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم -: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"، وهذا يعم الرجال والنساء .... لا يحج عنه ولا يعتمر عنه، لكن ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من تركها - ليس عن جحدٍ لوجوبها بل عن تكاسل - لا يكفر بذلك، ولكن أتى ذنباً عظيماً ومنكراً عظيماً، لكن لا يكون كافراً كفراً أكبر، بل يكون كفره كفراً أصغر، فعلى هذا القول يصح الحج عنها عند جمع من أهل العلم - الذين قالوا إن المسلم لا يكفر بترك الصلاة إلا إذا جحد وجوبها -، أما إذا تركها تكاسلاً - وهو يعلم أنها واجبة وأنها فريضة - ولكن حمله الكسل والتساهل على الترك فهذا عند جمع من أهل العلم لا يكفر بذلك كفراً أكبر، بل يكون كفراً أصغر، والصواب والأظهر في الدليل أنه يكون كافراً كفراً أكبر- والعياذ بالله - ؛لأن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فقد ضيع دينه - نسأل الله العافية -، وبذلك يعلم أن من كان تاركاً للصلاة لا يحج عنه ولا يدعى له. نسأل الله العافية. جزاكم الله خيراً.

السؤال: أردت الحج أو العمرة، وكان على والدي دين، وأنا ابنه وليس لي مخصص أو دخل لي أنا خاصة، فهل حجي مقبول، أو عمرتي؟
الإجابة: إن كان مالك من مال أبيك فقدم دين أبيك، يقضي دينه، أما إن كان مالك من غير مال أبيك - مما كسبته أنت - فقدم الحج، ولا يلزمك قضاء دين أبيك، قدم الحج وأد الحج؛ لأنه فرض عليك وأنت مستطيع، فإن يسر الله لقضاء دين أبيك هذا بر، وإلا فلا يلزمك.
السؤال: الحج عن المتوفى هل له أحكام تتفضلون بذكرها؟
الإجابة: مثل الحج عن الحي، الحج عن الميت مثل الحج عن الحي، يكمل الحج عنه بالنية عن الميت، سواء كان نافلة أو فريضة.
السؤال: هذا العام في نيتي أن أحج - إن شاء الله تعالى -، وسيكون معي ابني البالغ من العمر تسع سنوات ونصف، هل تجزؤه هذه الحجة عن حجة الفريضة؟
الإجابة: لا تجزئه حتى يحتلم، حتى يبلغ الحلم، لكن نافلة، لك أجر وله أجر، لك أجر وله أجر، يقول السائب بن يزيد - رضي الله عنه -: حج أبي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن سبع سنين، حج بي مع النبي وأنا ابن سبع سنين، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "أيما صبي حج، ثم بلغ الحنث (يعني الحلم)، فعليه أن يحج حجةً أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق، فعليه أن يحج حجةً أخرى"، حج المملوك نافلة، وحج الصبي نافلة، فإذا بلغ الحلم واستطاع الحج؛ وجب عليه حج الفريضة، وهكذا العبد إذا اعتق واستطاع الحج؛ وجب عليه حج الفريضة.
وبلوغ الحلم يكون بأمور ٍ ثلاثة:
أحدها: إكمال خمسة عشر سنة، إذا أكمل خمسة عشر سنة صار رجلاً، وهكذا المرأة.
الثاني: إنبات الشعر الخشن حول الفرج، حول القبل، إذا أنبت الشعر حول القبل - ويسمى شعر العانة، ويسمى الشعرة - إذا نبت في الرجل والمرأة هذا الشعر، صار الرجل مكلفاً، وصارت المرأة مكلفة، تجب عليهما الصلاة وصوم رمضان، والحج إذا استطاع الحج، والمرأة كذلك، بهذا الإنبات يكون مكلفاً والمرأة تكون مكلفة.
الثالث: إنزال المني إذا أنزل الرجل المني عن شهوة باحتلام، أو تفكير، أو ملامسة صار بالغاً، صار رجلاً، وهكذا المرأة إذا أنزلت بالتفكير، أو بالاحتلام صارت بالغة بهذا الإنزال - ولو عمرها عشر سنين، أو تسع سنين، أو أحدى عشر سنة، أو ثلاثة عشر سنة -.
إذا بلغت تسعاً فهي امرأة تصلح للزواج وقد تحتلم، قد تنبت، قد تحيض أيضاً وهي بنت عشر، أو فوق التسع، أو تمام التسع قد تحيض، تقول عائشة - رضي الله عنها -: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة"، والنبي - صلى الله عليه وسلم - دخل بعائشة وهي بنت تسع، هذه أمور ثلاثة: الأول: إكمال خمسة عشر سنة للرجل والمرأة، الثاني: إنبات الشعرة، إنبات الشعر الخشن حول الفرج، حول القبل، من الرجل والمرأة جميعاً (الشِعرة)، الثالث: إنزال المني عن شهوة من الرجل والمرأة جميعاً، باحتلام، أو بغير احتلام، وفيه الغسل أيضاً مع ذلك، الغسل يكون الرجل مكلفاً، وتكون المرأة مكلفة بهذا الإنزال، وهناك أمر رابع للمرأة يخصها وهو الحيض، إذا حاضت صارت امرأة، هذا يخصها، وهذا أمر رابع، فإذا حاضت وهي بنت تسع أو عشرأو أكثر؛ تكون امرأة، أما الدم الذي تراه قبل التسع ما يكون عليه هذا، لا بد من فوق التسع، تسع فأكثر، إذا رأت الحيض وهي بنت تسع فأكثر؛ فهي امرأة، ولا تصلي عند وجود الحيض حتى تطهر.
السؤال: من أدى الحج وهو محافظ على أركان الإسلام إلا أنه ارتكب بعض المعاصي، هل يؤثر ذلك على أعماله الطيبة؟
الإجابة: الحج صحيح، ولو كان عنده شيء من المعاصي الحج صحيح، لكن ما يكون مبروراً إلا إذا كان صاحبه ليس بفاسق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، وقال - عليه الصلاة والسلام -: "الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة"، والحج المبرور هو الذي ليس فيه رفث (وهو الجماع ودواعيه)، ولا فسق (يعني معاصي)، فإذا كان حين حج يأتي بعض المعاصي؛ فحجه ناقص، ولكنه يجزئ، يبرئ ذمته من الفريضة، لكن يكون حجه ناقص، ما يكون مبروراً، يكون ناقصاً، فإذا كان مثلاً يأكل الربا، أو عند عقوق لوالديه أو أحدهما، أو قاطع للرحم، أو يغتاب الناس (يتعاطى الغيبة)، أو ما أشبه ذلك، أو خان في معاملة، أو غش في معاملة، كل هذه معاصي؛ يكون حجه ناقصاً ودينه ناقصاً وإيمانه ناقصاً، ولكن لا يكفر بذلك ولا يبطل حجه بذلك ما دام على الإسلام والتوحيد والإيمان بالله والرسول، هذا الذي عليه أهل الحق من الصحابة ومن بعدهم وهم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، الذين استقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العمل، هؤلاء هم أهل الإسلام، وهم أهل الإيمان، وهم أهل التقوى والبر، فإذا وقع من أحدهم معصية؛ صار نقصاً في الإيمان، ضعفاً في الإيمان، لا يخرج بذلك عن دائرة الإسلام، وحجه صحيح، وصلاته صحيحة، وصومه صحيح، لكنه يأثم بالمعصية التي تعاطها، كالغيبة أو أكل الربا أو غشٍ في معاملة أو أشبه ذلك، يكون نقصاً في إيمانه، نقصاً في صومه، نقصاً في حجه. جزاكم الله خيراً.
السؤال: هل يجوز للإنسان أن يحج لغيره قبل حجته؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابة: ليس للإنسان أن يحج عن غيره إلا بعد أن يحج، كما صح بهذا الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رجلاً يقول: "لبيك عن شبرمة"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من شبرمة؟" قال: "أخ لي وقريب لي"، قال: "حججت عن نفسك"، قال: لا، قال: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة"، لكن لو أخرج مالاً لبعض الناس يحج به لا بأس، أما أن يحج بنفسه لا، ليس له أن يحج عن غيره بنفسه قبل أن يحج عن نفسه، بل يبدأ بنفسه فيحج، أما لو أعطى إنساناً مالاً فيحج عن أبي أو عن أخي فلا حرج في هذا. جزاكم الله خيراً.
 فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
موقع طريق الاسلام
http://ar.islamway.net/fatwa
مدونة جنة الابداع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات الجارحة او التي تحتوي روابط واشهار وسبام ممنوعة منعا باتا