السبت، 27 أبريل 2013

2:28 ص
الاستثمار مقدمة عنه وشرح لانواعهالاستثمار investment هو إنفاق ذلك الجزء من الدخل الذي لا يخصص لشراء السلع والخدمات التي تفي المتطلبات الاستهلاكية مباشرة بل الذي يؤول إلى زيادة وسائل إنتاج تلك السلع والخدمات. لذلك فإن المفهوم الاقتصادي لكلمة «استثمار» يختلف عن المعاني الشائعة التي يتناقلها الناس لهذه الكلمة. ويحسب حجم الاستثمار عادة بوساطة قيمة الإنفاق التي تتم في مدة زمنية معينة على تكوين أصول ثابتة جديدة. 
     وبناء على ذلك، فإن الاستثمار في بلد ما هو ذلك الجزء من الناتج العام، لذلك البلد في المدة المعينة، الذي يجري إنفاقه على الجديد من الأصول أي من الإنشاءات والمعدات والتجهيزات والمرافق وعلى الإضافات الحاصلة في تلك المدة في المخزون الاستثماري. وعند الكلام عن الاستثمار يجدر التفريق بين «الاستثمار الإجمالي» و«الاستثمار الصافي»، فالأخير هو الأول ناقصاً الاهتلاك أي قيمة ما يخرج من الاستثمارات السابقة. وكذلك يجدر التفريق بين الإنفاق الاستثماري في مدة زمنية معينة، أي تكوين الأصول الرأسمالية الجديدة في تلك المدة، وبين مجمل الأصول الرأسمالية المتراكمة على مر السنين. فالاستثمار أو التكوين الرأسمالي هو عملية تدفق إنفاق استثمار جديد، في حين أن مجمل الأصول الرأسمالية المتراكمة حتى بداية المدة الزمنية المعنية لا تعدو كونها كتلة جامدة من رأس المال القائم. 


أنواع الاستثمارات
     إضافة إلى النوعين الرئيسين للاستثمار اللذين ينطلقان من الجهة التي تملك أصولهما، «الاستثمار العام» و«الاستثمار الخاص» بشقيه الفردي والجماعي، فإنه يمكن أيضاً التفريق بين أنواع الاستثمارات وفقاً لعدد من الخصائص الأخرى. فهناك «استثمار تلقائي» autonomous investment و«استثمار مستحث» induced investment. فالأول هو الذي يتقرر بصورة مستقلة عن المؤثرات الاقتصادية القائمة كمستوى الدخل العام أو معدل الاستهلاك، وهو غالباً ما يتقرر نتيجة إيجاد سلعة جديدة أو استحداث طرائق وأساليب إنتاجية غير تقليدية أو يكون ناجماً عن متغيرات اجتماعية أو نفسية أو سياسية غير مرتبطة بصورة مباشرة بالمعطيات الاقتصادية. أما «الاستثمار المستحث أو المحرّض» فهو الذي يعتمد كلياً على الأوضاع والعوامل الاقتصادية القائمة والمتوقعة والذي يقدم عليه المستثمر بدافع المنفعة المادية المباشرة. 


    ومن الممكن التفريق بين أنواع الاستثمارات وفقاً للمدة الزمنية للاستثمار، وهو أمر اعتباري يختلف بين قطاع وآخر، فهناك استثمارات آنية تؤتي أكلها في بضعة أشهر كناتج الموسم الزراعي الواحد أو تركيب آلة منتجة من بضع قطع سبق أن تم تصنيعها أو استيراد جهاز يوضع مباشرة في التشغيل الإنتاجي، وهناك استثمارات قصيرة الأمد يراوح زمنها بين عام واحد وثلاثة أعوام (ويصل أحياناً إلى خمسة أعوام) كإشادة بناء أو استصلاح أرض أو تأسيس مصنع أو إقامة مرفق، وهناك استثمارات طويلة الأمد يراوح زمنها بين خمس وعشر سنوات (وأحياناً أكثر) كمشروعات التشجير وإنتاج الأخشاب أو إقامة السدود المائية الضخمة أو برامج استحداث تقانات جديدة بما في ذلك من أعمال البحث العلمي والتصميم ثم التطبيق العملي إنتاجياً. كذلك يمكن التفريق بين أنواع الاستثمارات وفقاً للقطاع الإنتاجي الذي يجري فيه الاستثمار، كالاستثمارات الزراعية أو الصناعية أو العقارية أو الخدمية أو التقنية.
    ثم إنه يمكن أيضاً التفريق بين أنواع الاستثمارات تبعاً لدرجة المجازفة التي يقدم عليها من يتولى الاستثمار، وهنا غالباً ما يكون عائد الربح مرتبطاً طردياً بدرجة المخاطرة. والمجازفة تكون على أنواع، فهناك دائماً خطر عدم القدرة على تحقيق معدل الربح المنشود، وهذا أمر له أبعاده عندما يكون رأس المال أو جزء منه مديناً. وهناك خطورة الإفلاس التام وضياع رأس المال. ثم إن المجازفة في وجه المخاطر يمكن أن تكون لأسباب اقتصادية أو فنية تتعلق بالمشروع نفسه أو تكون نتيجة لأوضاع ومتغيرات اقتصادية عامة خارج نطاق المشروع وإذ ذاك لا يكون للمستثمر أية قدرة للتأثير فيها، مثل انعكاسات التقلبات والدورات الاقتصادية أو سياسات الدولة وإجراءاتها الجديدة أو تبدلات السوق العالمية أو الحالات الطارئة من كوارث وحروب وغيرها.. ثم إن بعض المجالات تتصف بوجود خطورة كامنة فيها كصناعة الكيمياويات السامة أو الملتهبة أو كإشادة منشآت في أماكن خطرة مثل منصات حفر آبار النفط في أعالي البحار وغيرها. لذلك كله فإن من يقدم على استثمارات كهذه لا يرضى بالحد المتوسط من عائدات الربح بل يكون مستوى أرباحه متناسباً مع درجة خطورة مجازفته. 


   كذلك يمكن التفريق بين أنواع الاستثمارات تبعاً لكونها «مباشرة» أو «غير مباشرة». فالأولى هي التي يجريها صاحب المال بنفسه، بيد أنه إذا كانت ادخاراته قليلة أو درايته محدودة أو أحواله مانعة فإنه يلجأ للاستثمار «غير المباشر» وذلك بشراء أسهم في مشروعات استثمارية جديدة أو بالاشتراك في برامج استثمارية جديدة حيث يكون للمشروع أو للبرنامج إدارة متخصصة ترعى حسن تنفيذه وتشغيله وتقوم بتوزيع أرباحه السنوية على المساهمين. وفي المجتمعات الرأسمالية، حيث توجد أسواق للأسهم وللأوراق المالية وحيث توجد أعداد كبيرة من الشركات التي تقوم بطرح أسهمها في تلك الأسواق لم يبق باستطاعة المدخر العادي أن يعرف السبيل الأفضل للاستثمار أو أنواع الأسهم التي تلائم حالته وتفي بغرضه. إذ إن متابعة دقائق تقلبات أسواق المال وتطورات أوضاع الشركات المختلفة والكثيرة بات يحتاج إلى أجهزة متخصصة ذات دراية عالية لتتمكن من الإحاطة بالتفاصيل ومواكبة سرعة حركة المتغيرات. لذلك ظهرت «شركات الاستثمار»، ومؤسسات مالية ومصرفية متخصصة، وجرى استحداث «صناديق استثمار»، و«برامج استثمارية» مستقلة أو مرتبطة ببيوتات مالية، وباتت كل هذه المؤسسات ومثيلاتها تؤدي للمستثمر العادي الخدمات التي يحتاج إليها والتي يكون غير قادر على القيام بها بنفسه. وبات بعض هذه المؤسسات يطرح أسهمه الخاصة للبيع فيقدم المستثمر على شرائها فتقوم المؤسسة بدورها باستثمار الأموال المتاحة بشراء أسهم أخرى لشركات مختارة ومتنوعة من أسواق الأسهم والأوراق المالية. وإضافة إلى كل هذه الأنواع من الاستثمار فإنه يمكن التفريق بين أنواع الاستثمارات وفقاً للدوافع الخاصة للمستثمرين. فحين يندفع بعضهم للاستثمار من أجل زيادة دخولهم العادية والدورية بهامش إضافي يتأتى من ربح الاستثمار، يقوم آخرون باستثمار ادخاراتهم متوخين الأمان إن كان في وجه الطوارئ أو متطلبات الشيخوخة أو لاستباق آثار التضخم ومنع تلاشي قيم ادخاراتهم مع الزمن، ثم هناك من يستثمر عن طريق الاشتراك في المشروعات السكنية وثمة من لا يستثمر إلا بالوسائل التي تضمن له جاهزية ماله سائلاً عند أول طلب. 


   كذلك توجد دائماً فئة من المستثمرين تتصف استثماراتهم بالمغامرة الهادفة إلى الثراء السريع. وأخيراً، يمكن التفريق بين أنواع الاستثمارات تبعاً لمورد رأس مالها، فهناك استثمارات داخلية تتولد من ادخارات تنشأ داخل البلد المعني وهنالك استثمارات خارجية تنشأ نتيجة لتحويل رؤوس أموال من بلد أجنبي أو من جهة خارجية إلى البلد المعني لتستثمر فيه فتنعكس نتائجها على دخله القومي. والاستثمار الخارجي يمكن أن يتم إما بوساطة الحكومات فيكون رسمياً وإما بوساطة أفراد أو شركات فيكون خاصاً. 

محمد بشار كبارة

0 التعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات الجارحة او التي تحتوي روابط واشهار وسبام ممنوعة منعا باتا