الأربعاء، 30 يناير 2013

9:49 ص

قصة عذراوات الشمس


ھناك في أعلى ھضاب الأنديس المحاطة بقمم ثلجیة
توجد وديان خصبة و فاترة المناخ وھي المكان الذي
أقام ھنود "الكیتشواس" علیه احدى الحضارات الأكثر
غناء وإثارة للفضول في أمريكا القديمة ھي حضارة
الاينكا*.
ھناك في أراضى البیرو وبولیفیا توجد بحیرة "تیتكاكا
البحیرة الكبیرة على ارتفاع اكثر من 4 ، "Titicaca/
آلاف متر فوق سطح البحر ، وبقربھا توجد آثار وبقايا
مدن طاعنة في القدم ، عمرھا آلاف السنین ، كما
توجد آثار قلاع وحصون وھیاكل ومعابد تثیر الإعجاب .
ھناك في البحیرة يوجد المكان الذي تتحدث عنه
الأسطورة عن الأب رب الشمس ، الذي أرسل اثنین
من أبنائه : رجل وامرأة لیقیما أول إمبراطورية الإنكا .

فلقد أرسل أبناءه لیعملوا ويحكموا الھنود ال
"كیتشوواس " في ذلك الوادي.
وكانوا ھم الذين بنوا مدينة ال"الكوزكو" العاصمة والتي
منھا، وخلال قرون، امتد نطاق الإمبراطورية ، وتوسع
في حكومة جبارة لإمبراطورية الاينكا .
لقد أرسل الرب أبناءه ، لیصنعوا الخیر للإنسان ،ولكي
يحیا بالعمل والنظام والسلام حسب مشیئة الرب
الشمس الإله الطیب الذي لم يفرض تقديم القرابین
البشرية ، بل أراد أن يرى الناس سعداء.
و"الاينكا" أ كثر قدما من "الكیتشواس" الذين طوّروا
ثقافتھم في ھضبة بولیفیا و البیرو، وكذلك في منطقة
"تیتیكاكا" حیث لا تزال سلالة ذاك الشعب العريق
تعیش ھناك.
كان في مدينة كوزكو عاصمة الإمبراطورية قصور اً
ضخمة ورائعة بمثابة معابد تعیش فیھا أجمل العذراوات
اللواتي يكرسن حیاتھن لعبادة الشمس.
عاشت العذراوات المقدسات من غیر أن يرين أحداً أو
يتحدثن مع أي شخص ما عدا الملكة زوجة الاينكا فقط
التي يمكنھا أن تزورھن .فلقد كانت عقوبة الموت
تنتظر كل من يجرؤ على حب احدى تلك النساء ، و من
أجل أن لا يقدر أحد على الدخول إلى مكان سكناھا
فلقد تم إحاطة المكان بحصون عالیة وحراس أوفیاء
يحیطون الأديرة حیث كانت عذراوات الشمس .
* الھنود الحمر /الاينكاقبائل الكیتشواس و أيما راس
الراعي وعذراوات الشمس
على خاصرة خضراء للجبل الذي تغطیه الثلوج كان يخبئ
الماشیة البیضاء ، لتقديمھا كأضحیات وقرابین كان شعب

ال"اينكا" يقدمھا إلى إله الشمس..
كان الراعي الشاب يدعى "اكويا نافا" لطیفا وله مظھر لائق
وحسن ، يمضي خلف ماشیته ، وعندما كان يجلس والقطیع
يرعى كان سعیداً ، يخرج الناي الذي كان يرافقه دائما ، ويبدأ
بعزف موسیقى ھادئة وحلوة تجعله يزداد سعادة .
وفي يوم كان فیه منشرحا جدا ،وھو يعزف ، جاءته اثنتان من
بنات الشمس اللاتي كن يعشن في أحد قصور المدينة
المجاورة , اذ كان قد سمح لھما بالخروج في النھار كي
تتسلیان في الحقل ، لكن لم يكن مسموحا لھما الغیاب في
اللیل عن مسكنھما المحروس جیدا من قبل حراس صارمین ..
وصلت العذراواتان إلى الراعي وسألتاه عن الرعي وعن قطیع
أغنامه ، فبقي "كويا نافا" مذعورا ، ثم أراد أن يطلق ساقیه
للھرب ، فھما إضافة إلى انھما مقدستان وابنتان للشمس
فھما فائقتا الجمال ، لكنھما طلبتا منه ألاّ يخاف ، وعاودتا
السؤال عن أغنامه ، ثم آخذتاه من ذراعه لینھض .
وقف الراعي أخیراً و قبّل يد كل واحدة منھما، وھو مندھش
من روعتھما.
العذراء الكبیرة فیھما واسمھا "تشوكي يیانتو" انجذبت للكلام
مع "اكويا نافا" بعد أن بانت خفة دمه وبعد لحظات ودعتاه.
بدأت "تشوكیبیانتو" تتحدث مع أختھا عن لطافة وبھجة ذلك
الراعي ، واستمرتا بذلك طوال الطريق حتى وصلتا إلى
قصرھما حیث رآھما حراس البوابة ، وفتشوھما إذ انھم
يقولون في تلك الأيام إنھم وجدوا إحداھن وقد خبّأت رجلا
حبیبا على قلبھا وجعلته يمر مخفیا بین الملابس !!
دخلت العذراواتان إلى قصر بنات الشمس وزوجاتھا _ الشمس
_ اللواتي كن ينتظرن أطیب الأكلات المطبوخة في قدور من
الذھب الناعم، لكن تشوكي ذھبت مباشرة إلى مخدعھا
لیكون بمقدورھا التفكیر منفردة بالراعي ، الذي بدأ قلبھا
يخفق بالحب تجاھه .
وفي تلك الأثناء كان "اكويا نافا" قد دخل إلى خصّه لیفكر
منفردا في المفاجأة العظیمة لتشوكو الرائعة ، لكنه بدأ يشعر
بحزن شديد ، فأخذ الناي وعزف ألحانا شديدة الحزن ، جعلت
حتى الحجارة تشفق علیه ، ثم غنّى وھو يبكي:
" آه ! آخ! منك ! آيھا الراعي البائس ! أيھا العاجز عن كل

شيء .. أه! منك! لا تقدر على رؤية حبیبة قلبك ، ولو رأيتھا
فإن حبك سینفضح ، وسیقضى علیك وعلى حبك ، وسینتھي
الحب بالموت" ..واستمر يغنى بحزن كبیر جدا حتى غفى.
لكن أمه العجوز البعیدة عنه فلقد حدست بسبب عذاب ابنھا ،
وراحت تھيء نفسھا للسفر إلیه ، فحملت معھا سلة
مزركشة وفاخرة ، وبدأت تمشي في الجبال حتى وصلت إلى
الزريبة التي يسكن فیھا ابنھا.
ثارت عواطف الراعي عندما شاھد أمه ، وأخذت ھي تواسیه
وتقول له إن أحزانه ستزول خلال بضعة أيام ، ومن أجل ذلك
ذھبت تحضّر له طبخة السلاحف ، الأكلة الموصوفة للحزن عند
الھنود ،وبینما ھي تطبخ رأت بنات الشمس قادمات باتجاه
الزريبة ، ثم جلست الاثنتان عند المدخل ترتاحان من التعب
وعندما شاھدتا المرأة العجوز في الداخل طلبتا منھا شیئا
للأكل فقدمت لھما صحنا من السلاحف ، أكلتاه بشھیة كبیرة.
بدأت تشوكو تنظر حوالي الزريبة وإلى داخلھا برغبة كبیرة
علّھا تعثر على"اكويا نافا" ، لكنھا لم تجده لأنه في لحظة
وصولھما أمرته أمه أن يدخل في السلة التي أحضرتھا معھا ،
( يقول الھنود إن ذلك كان ممكنا في تلك الأزمان).
ظنت تشوكو أن حبیبھا الراعي يحرس القطیع ، لھذا لم تسأل
أمه عنه وعندما رأت السلة قالت:" ما أجملھا "!! وسألت :
لمن ھذه السلة؟فأجابتھا العجوز : إنھا لھا وقد تركھا لھا
والداھا كمیراث ، فھي سلة فاخرة جداً ،وأضافت العجوز إنھا
تقدمھا وبنفس طیبة كھدية لھا ، وبإمكانھا أخذھا معھا إلى
القصر .
وبعد قلیل ودعت بنات الشمس أمّ الراعي ، واتجھن نحو
المرج تحمل تشوكي السلة بیدھا وفي عینیھا شوق لرؤية
راعیھا ھنا أو ھناك فھي لم تره في زريبته.
وصلتا إلى القصر، وعند المدخل فتشھما حراس البوابة ولم
يجدوا شیئا معھما عدا السلة التي لم يكن يخفیانھا .
وبعد العشاء أخذت تشوكي سلّتھا الجديدة وذھبت إلى
مخدعھا ، وھناك بدأت تبكي ، وتتذكر الراعي الذي أحبه قلبھا
، لكنه لم يدعھا تذرف الكثیر من الدموع عندما أخذ "اكويا نافا"
يناديھا باسمھا ، فارتعبت وھلعت ، لكنھا صارت تذرف دموع
الفرح عندما رأت حبیبھا الراعي ، وراحت تسأله كیف دخل

إلى ھناك؟ فأجابھا بالحقیقة عن دخوله في السلة التي
جاءت تحملھا.
عانقته تشوكو و وضع "اكويا نافا" رأسه على رجل تشوكي ،
التي راحت تمسّد له شعره بلطف وحنان ، وتنظر إلیه بعینیھا
الرائعتین الساحرتین حتى مطلع الفجر ، عندھا دخل الراعي
مرة ثانیة إلى السلة ، وحبیبته ابنة الشمس تنظر إلى تلك
المعجزة .
وبعدما خرجت الشمس وقبّلت الأراضي كلھا ، خرجت تشوكو
من القصر إلى المروج وحیدة ، تحمل السلة، وفي أحد
الكھوف في الجبال جلست مع حبیبھا مرة ثانیة، لكن حدث أن
رآھما أحد حراس القصر الذي كان يتبعھا ، وشاھد كل شيء
فبدأ يطلق الصیحات ، يستدعي الحراس الآخرين فھرب
الراعي وحبیبته إلى الجبال القريبة من مدينة "كالكا" ، ومن
شدة التعب نام الحبیبان وعندما استیقظا كانا مرعوبین من
الموت المحتم الذي ينتظرھما كعقاب ، فنھض الاثنان يرتعدان
خوفا.
أخذت ھي في يدھا فردة من صندلھا ، ونظرا إلى الناس في
"كالوكا" وصارا يشعران انھما يتجمدان في مكانھما ، ثم صارا
كتلة صلبة كبیرة وضخمة لقد أخذا بالتحول إلى حجارة..
الیوم يمكن رؤيتھما من "كالكو" ومن مناطق أخرى , لقد صارا
جبلین كأنھما تمثالان يذكران بالحبیبین الراعي وابنة الشمس

ترجمة احمد يعقوب
 نادي الابداع العربي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات الجارحة او التي تحتوي روابط واشهار وسبام ممنوعة منعا باتا