الأربعاء، 30 يناير 2013

9:44 ص

قصة : طائر الفوھوي 

الرجل الذي يمشي أو يكمن لیلا في طرقات أرض الھنود
الحمر/ المايا. يمكنه أن ينتظر سماع صرخة تقول :" فواھو" ،
صرخة قوية تخرج من الصمت . وسرعان ما يسمعھا إلى
جانبه: فواھو ! فواھو!
تنطلق الصرخة في اللیل مثل سھم من قوس نشّاب. تأتي
من ھناك من الطريق الأمامي التي على العابر أن يمرّ بھا.
وفیما بعد يُسمع طیران يخمد بعیدا في الدرب ، وعندما يقترب
الرجل ، يعاود الصمت إطلاق الصرخة الحادة: فواھو! فواھو!
ھكذا، يمضي المسافر تخرج له الصرخة مع كل خطوة ، و
يجفل ، وتتكرر الجفلات نفسھا وربما حتى الشفق . ترى من
يكون ھذا المرافق الخفي للرجل؟ ھذا الذي يمضي ويكمن

 لیلا في دروب أرض المايا؟ ولماذا يعتقد أن الرجل قريب لیقبض
علیه بصرخته ؟ ومرة ثانیة يبتعد ، ويعود ويحطّ في الطريق
ثانیة لینتظر ، ولا يیئس؟
لا أحد يمكنه توضیح ذلك إذا لم يكن أحد الھنود الصامتین
والعارفین بأسرار الألغاز و التاريخ وروح الأشجار والأحجار وكل
شيء من السماء حتى الأرض في المايا.
إنھا حكاية فوھوي العصفور البريىء وفاقد الثقة الذي يخرج
في الطرقات ، لیبحث عن أحد ما ، يخبره شیئا عن ذاك الذي
منذ سنوات عدة سخر من نیته الطیبة وخدعه بلا شفقة.
والمسكین فوھوي لا يفقد الأمل بالعثور على ذلك الخدّاع.
وعن ذلك يقول الھنود الحمر في المايا:
أراد الرب الأعظم إيقاف العداوة والخصومة بین الطیور ، فحاول
أن يضع لھا ملكا يحكمھا بسلام،أعلن الرب الأعظم اقتراحه
لكل الطیور ، ودعاھا جیمعا كي تختار في يوم محدد الطیر
صاحب الحسنات الأكثر بینھا.
فاحتشدت الطیور جمیعھا ، وبدأت تفكر بإظھار صفاتھا الحمیدة
، وكل منھا يكاد يكون متأكدا انه سیكون ھو الملك. قال البلبل
جازما وھو الطیر صاحب التغريد الأكثر حلاوة :
" يجب اختیار الطیر صاحب الشدو الأجمل ". وبكل الثقة
والمباھاة جرّب موسیقاه بعد أن حطّ على أعلى أغصان الغابة.
فكّرت البومة في داخلھا ، :" بالتأكید فإن الرب الأعظم سیختار
الطیر الذي ينظر ، ولكن أي من الطیور لا تمتلك النظر مثلي"!
وثبتت عینیھا الدائريتین في اللیل ،وبدأت تتخیل الملوك.
قال الطاووس: " بالتأكید سیتم اختیار الأكثر قوة ، وسأكون أنا
المسمى لأصدر الأوامر بین المحتشدين الكثیرين". وھزّ
جناحیه العريضتین ، وكذلك الغصن السمیك الذي كان يقف
علیه.
قال النسر : " بالتأكید من أجل حكم جید يجب رؤية العالم من
مكان مرتفع ". وانطلق النسر في الھواء بطیران عال جدا عبر
الغیوم.
قال الديك المكسیكي : " بالتأكید فإن الملك سیكون من
يصرخ بقوة أكبر فیجب إعطاء الأوامر بالشكل الذي يجعل
الجمیع يسمع وأنا !أنا ! الديك المكسیكي أنا قادر على ذلك
فإذا صحت، فإني أسْمِعُ حتى القمر".
أمّا طائر الكاردينال** فقد قال : "بالتأكید سأكون أنا الملك ,

فمن الملوكیة أن تُلبس فروة من الأرجوان القرمزية فكأن
ريشاتي شعلة متقدة ".
وھكذا شعر كل واحد من الطیور بالاطمئنان من فوزه.
كان الطاووس قد سمع ما قاله الآخرون من الطیور ، عندئذ
كان للطاووس ريشات متسخة وشعثة وكئیبة. لم يكن قادرا
على التفكیر في إمكانیة اختیاره ، لأن بدنه كان ضخما ، وزيّه
كان بشعا وبائسا ، لم يكن كالطاووس الذي نعرفه الیوم.
بدأ الطاووس يفكر دون أن يفقد الأمل ، وجاء لیتفق مع صديقه
الفواھوي الذي كان له ريش رائع. فقال الطاووس له: " يا
صديقي تعال أحادثك بشيء يھمنا جدا نحن الاثنین: الرب
الأعظم سیفكر بالتأكید في تسمیة الطیر الأكثر جمالا والأكثر
ھیبة ملكا على الطیور،فأنت لك ريش وفیر جدا، لكنك صغیر ،
وتنقصك العجرفة أمّا أنا فعلى العكس لدي بدن له حضور كبیر
وريشات أكثر وفرة . لكنني لا أقدر أن أعطیك بدني أما أنت
فیمكنك إعارتي ريشاتك.
كان الفواھوي يستمع إلى صديقه ، فقال الطاووس له:
"اسمع تعال ، نعقد صفقة, أنت تعیرني الريش إلى أن يتم
اختیاري من قبل الرب الأعظم ، وعندما أصبح ملكا أردّ
الريشات لك ، وأكثر من ذلك سأتقاسم معك كل خیرات و
تشريفات منصبي ".
فكر العصفور فواھوي في ذلك للحظة ، لكن الطاووس عاد
يغريه بالوعود ، والعصفور الطیب والواثق لم يقو على الرفض.
وھكذا بدأ الفواھوي بخلع ريشه ، وبوضعھا لصديقه فیما
الطاووس يثبتھا جیدا حسب مقاسه. وبدأت تنمو وتنمو حتى
صارت غطاءاً بديعا بذيلٍ رائعٍ تخرج منه ألوان الفضة والذھب.
: "أيھا الصديق فواھوي ، سوف ترى الخیرات التي
سنتقاسمھا معا " . قال ذلك الطاووس وھو يختال بالجمال
والبھرجة. وبقي المسكین فواھوي منزوع الريش تقريبا
ويرتجف من البرد. ولما رأى طیوراً أخرى تأتي في الطريق
تقترب منه أحس بالخجل واختبأ بین الأعشاب كي لا يرونه.
حلّ يوم الموعد أمام الرب الأعظم ، وحضرت جمیع الطیور
واثقة متأكدة ، لكنھا عندما شاھدت الطاووس بحلّته الجديدة
المذھلة فلقد بقیت مناقیرھا مفتوحة من العجب والدھشة.
فاختار الرب الأعظم الطاووس ملكا وسیدا للطیور.
ومضى الطاووس بعجرفته و بنكرانه للجمیل بعد تلك اللحظة

التي حقق فیھا مبتغاه فلم يعد يتذكر فواھوي الطیب ، الذي
ساعده وضحّى من أجله.
وفي يوم من الأيام عثرت الطیور على فواھوي المسكین
مختبئا بین الأعشاب الطويلة ، فاستغربت لنحافته وحزنت
لذلك ، عندھا أعطاه كل واحد منھم ريشة من ريشاته،لھذا
السبب للفوھويو ريش قلیل ، ولھذا السبب و منذ ذلك الوقت
يمضي خجولا لأنه فقد ريشه. ولھذا السبب وكي لا يرونه
بھذه الحالة فإنه لا يخرج إلاّ في اللیل, يخرج لیبحث عن
الصديق النذل الذي خدعه !!ولأن الفواھوي طیب للغاية ، فإنه
يظن أن الطاووس سیفي بوعده يوما ما.
الفوھوي الطیب لا يفقد الأمل أبدا ، ويخرج إلى الطرقات
وعندما يرى الإنسان ، فإنه يقترب منه ويصرخ به :فواه!! فواه!!
مرة وثانیة يسأله إن كان قد شاھد الطاووس.
الرب الأعظم لا يترك الأفعال السیئة دون عقاب, لھذا لم يعد
الطاووس يشدو كما كان يفعل سابقا بصوت عذب. فلقد علم
الرب بالفعلة الشائنة التي فعلھا فأمر أن لا يشدو الطاووس
أبدا.
ومنذ ذلك الحین وفي كلّ مرة يحاول الطاووس فیھا أن يطلق
صوته للريح ، فإنه لا يجد سوى الزعیق والكركرة التي تجعل
الطیور الأخرى تسخر منه.

ترجمة : احمد يعقوب

نادي الابداع العربي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات الجارحة او التي تحتوي روابط واشهار وسبام ممنوعة منعا باتا