الأربعاء، 30 يناير 2013

9:40 ص

قصة مترجمة ماخوذة من قصص اهل افريقيا

سامبا غانا*
كانت الملكة " أنالیا- تو- باري/ " Wagna في مدينة " واغنا
وكان والدھا ھو أمیر واغنا وسید قرى كثیرة ، "Analia Tu-bari
، وفي إحدى المرات خاض حرباً مع أمیر عدو انھزم فیھا والد "
أنالیا " ، فتم تجريده من ممتلكاته ، وكان علیه أن يسلّم
احدى قراه ، لكن كبرياءه لم يسمح له بتحمل ذلك ، فمات
كمداً وغماً و ورثت أنالیا كلّ المملكة عن أبیھا .
حضر أعدادٌ كبیرة من الفرسان إلى مدينة "واغنا" ، يطلبون
يدھا للزواج ، لكن " أنالیا " كانت تحزم بطلبھا ، لیس فقط أن
يستردوا القرية الضائعة ، إنما ثمانین مدينة أخرى !! لكن لا
أحد من الفرسان تجرأ على ھذا المھر الحربي .
ومرّت السنوات وفقدت " أنالیا " كل سعادتھا ، ومع أنھا كانت
تزداد جمالاً في كل يوم ، إلا أنھا كانت تزداد حزناً
في بلدٍ مجاورٍ كان لأمیرھا ولدٌ يدعى "سامبا - غانا" ، وعندما
كبر ھجر مدينة أبیه حسب عادات البلد ، وخرج لیحتل أراض ومدن أخرى ، كي يقیم علیھا مملكته .
كان "سامبا- غانا" شابا مبتھجاً دائماً ، وقد خرج سعیداً من
مدينة والده يرافقه اثنان مدرعان .
أعلن سامبا الحرب على أمیر مدينة و تحدّاه إلى منازلة
فتصارع الاثنان ، والمدينة كلھا تشاھدھم ، وأخیراً انتصر
"سامبا غانا " فطلب الأمیر المھزوم منه أن يعفوعن حیاته ،
ويقدم له مدينته . فبدأ سامبا يضحك ويقول:
" ابق مع مدينتك فھي لا تھمني ".
تابع " سامبا " طريقه ، وھزم الأمراء واحداً تلو الأخر ، و دائماً
كان يعید كلّ ما يحصل علیه بفوزه إلى كل أمیرٍ مھزوم ، ويقول
له:
" ابقَ مع مدينتك فمدينتك لا تھمني ".

تمكن " سامبا غانا "من ھزيمة كل أمراء البلاد ، ومع ذلك لم
يكن يملك أرضاً ولا مدينة ، لأنه بعد كل انتصاراته كان يعید كلَّ
شيءٍ ، ويمضي ضاحكاً مبتھجاً و حالماً .
وفي يوم كان يرتاح فیه مع مرافقه عند ضفاف نھر النیجر ،
غنّى المرافق الأغنیة الرائعة ل"أنالیا- تو- باري" ، و الملیئة
بالحزن وعزلة الأمیرة .
قال المرافق : " الرجل الذي سیحظى ب"أنالیا" وسیجعلھا
تضحك ھو فقط ذاك الفارس الذي سیسترد ثمانین مدينة "
عندما سمع "سامبا غانا" ذلك وثب بقفزة سريعة ، وصاح : "
ھیا يا أصحاب العضلات اسرجوا الخیول !! ھیا بنا إلى بلاد
أنالیا- تو- باري ".
انطلق سامبا بمسیرة مع المرافقین المدرعین ، واستمروا
أياماً ولیالي يمتطون الجیاد يوماً ،حتى وصلوا إلى مدينة
" أنالیا تو باري " ، فرأى "سامبا غانا" امرأةً رائعةَ الجمال
وشديدة الحزن . فقال لھا : " أنالیا أنا سأسترد المدن الثمانین
". وقرر أن ينطلق في مسیرة ثانیة .
قال لمرافقه : "ابق ھنا مع أنالیا ،غنّ لھا وروّحھا عن نفسھا ،
اجعلھا تضحك ". فبقي المرافق في مدينة "أنالیا توباري " ،
وكلّ يومٍ صار يغني ل"أنالیا " أغنیات عن أبطال بلادھا ، وعن
مدنھا ، وعن أفاعي النھر التي تجعل مستوى المیاه يرتفع ،
فتجعل الناس يخزنون الأرز لسبع سنوات ويبقون جائعین
لسبع سنین أخرى .
وكانت انالیا تستمع له ، بینما " سامبا غانا " كان يقطع
الأمصار ، ويحارب الأمراء واحداً تلو الآخر . فأخضع ثمانین أمیراً ،
ولكلّ مھزومٍ منھم كان يقول :
" علیك الحضور أمام أنالیا توباري ، وأن تقول لھا : إن مدينتك
صارت لھا ".
ذھب الأمراء الثمانون يرافقھم أعداد كبیرة من المحاربین إلى
مدينة "واغانا" ، وسكنوا ھناك ، فأخذت مدينة أنالیا تتسع
وتتسع ، إلى أن أصبحت ملكة على الأمراء والمحاربین في
كل الأمصار .
قال سامبا غانا لھا: " كل شيء تمنیته قد أصبح ملكا لك ".
فقالت أنالیا : " لقد وفّیت بوعدك ،سأكون زوجتك ".
فقال سامبا غانا :
" لماذا أنت حزينة؟ إنني لن أتزوج منك إلا عندما تعود البسمة

إلیك ، وأراك تضحكین ".
قالت أنالیا : " لقد كان عار والدي المھزوم يبعث الحزن فيّ ،
والآن لا أقدر على الضحك ، لأنني لم أجد أحداً يقدر على
اتمام رغبتي " .
قال سامبا غانا: " أشیري عليّ ماذا عليّ أن أفعل ؟ " .
قالت : " اقتل الأفعى التي في النھر !! فھي تأخذ الخیرات
لسنة كاملة فیكون ھناك مجاعة لسنة كاملة ، وأنا سأكون
سعیدة لقتلھا " .
قال سامبا : " لم يجرأ أحدٌ على ذلك ، لكنني سأقوم به " .
اتجه سامبا غانا مع رجاله الثلاثة نحو النھر، و بحث عن
الأفعى واستمر في المسیر والبحث ، فوصل إلى مدينة فلم
يعثر على الأفعى، واستمر يمشي مع النھر ويبحث عن
الأفعى ، فوصل إلى مدينة أخرى ولم يجدھا !
واستمر في البحث إلى أن عثر علیھا أخیراً ، وبدأ يتصارع معھا
!! وفي النھاية انھزمت الأفعى وكذلك سامبا غانا !!
كان تیار النھر يأخذھما من جھة إلى جھة ، ويمر بین الجبال ،
ثم يفتح أراض ويدخل فیھا .
استمر الصراع ثماني سنوات بین سامبا والأفعى ، وفي العام
الثامن ھزمھا . وخلال ھذا الوقت كسر سامبا ثمانمائة رمح
وثمانین سیفاً ، و أخذ أحد الرماح الملیئ بالدم فأعطاه إلى
مرافقه قائلا :
" خذھا إلى أنالیا ، وقل لھا : إنني ھزمت الأفعى ، وانظر إلیھا
جیداً لترھا إن كانت ستضحك " .
عاد المرافق وسلّم ھدية سامبا غانا ، وعندما سمع سامبا
كلام أنالیا قال: ھذا عظیم جداً .
أخذ سامبا السیف المبلل بالدم و غرسه في صدره وضحك
مرة ثانیة قبل أن يسقط میتاً .
أخذ المرافق السیف المدمي ، و امتطى الخیل ، ومضى
باتجاه أنالیا ،وعند الوصول قال لھا :
" ھذا سیف سامبا غانا ، والدم الذي علیه ھو دم الأفعى و
دم سامبا الذي ضحك لآخر مرة " .
جمعت أنالیا كلّ الأمراء والمحاربین في المدينة ، وامتطت
خیلھا ، فامتطى الجمیع خیولھم ، وتبعوھا نحو البلد الذي
مات فیه سامبا غانا .
وصلت أنالیا إلى المكان الذي كانت فیه جثة سامبا غانا

وقالت:
" لقد كان بطلاً عظیماً ، لیس له مثیل عند من سبقوه ،
أقیموا له ضريحاً ، ولیكن الأعلى بین أضرحة الملوك والأمراء
والأبطال " .
وبدأ العمل لذلك ، فحفر الأرض رجالٌ حاصل عددھم ھو ثمانیة
أضعاف الرقم ثمانمائة .
ونفس العدد من الرجال قاموا ببناء الضريح ،و كذلك الرقم من
الرجال قاموا بتجمیع التراب فوق الضريح ، و رصرصوھا ثم
أحرقوھا فظھر ھرمٌ كبیر .
عند كل غروب كانت أنالیا وأمراؤھا و رجالھا المحاربون يصعدون
إلى قمة الھرم وكل مساء كان المرافق يغني أغنیة البطل ،
وعند كل صباح كلّما كانت أنالیا تستیقظ كانت تقول:
" الھرم لیس عالیاً بما يكفي ، يجب رفعه كي تُرى منه كلُّ
مملكة واغانا " .
ثمانیة أضعاف العدد ثمانمائة من الرجال حفروا الأرض
ورصرصوھا ثم حرقوھا .
وطوال ثمانیة أعوام كان الھرم يكبر و يطول ويرتفع ، ومع نھاية
العام الثامن نظر المرافق بعینیه الدائريتین وقال: "يا أنالیا
توباري الیوم يمكنك رؤية "واغنا"..
نظرت أنالیا نحو الغرب وقالت: " ھا أنا أرى "واغنا" و ضريح
سامبا غانا ھو العظمة التي يستحقھا اسمه " .
وضحكت أنالیا !! نعم ضحكت كثیراً !! وقالت:
" الآن انفصلوا أيھا الأمراء ، تفرقوا في أنحاء الأرض ، و كونوا
أبطالاً مثل سامبا غانا " .
وضحكت أنالیا مرة ثانیة قبل أن تسقط میتة ، ويدفنوھا في
سرداب الھرم إلى جانب سامبا غانا .
Samba Gana *

ترجمة :احمد يعقوب

نادي الابداع العربي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات الجارحة او التي تحتوي روابط واشهار وسبام ممنوعة منعا باتا