استخدم الإغريق ثلاث كلمات محددة لثلاثة أنواع من الحب هى :
éros, philia, agapè
وتعنى éros الافتقاد ، وهنا يرى أفلاطون أننا نحب ما ليس لدينا ، ما لا يوجد ، ما نفتقده . وبهذا يُصبح معنى (أنا أحبك) : (أنا أريدك) . ويلاحظ أن هذا النوع من الحب يعيش فى الشقاء ، والحرمان، وعموماً هو حب حزين .
أما philia فتعنى التمتع بـ . . وتبعاً لأرسطو فإن هذا النوع يتسم بالسعادة ، لأننا نتمتع بما نفعله ، بما هو موجود أمامنا ، بما نتشارك فيه مع الآخرين . وفى هذه الحالة يصبح معنى أنا أحبك : أنا أتمتع بوجودك معى .
وأما كلمة agapè فإنها تعنى حب الغريب ، الذى لا يتضمن افتقاداً ولا تمتعاً . فنحن هنا نحب من أجل الآخرين ، وليس من أجلنا ، أى أنه حب ( يقف علينا بالخسارة ) ولكنه ينفع الآخرين ، وتحت هذا النوع تندرج كلمة المسيح عليه السلام " أحبوا أعداءكم "
حركة الحب والأفلاك
قال شيخنا العاشق :
- غريب – يا أبنائى – أمر الحب !
يدفع الإنسان إلى اختيار فتاته
من بين مئات النساء . .
ومن المؤكد أن هناك من تشبهها ،
بل مَنْ تتفوق عليها حسناً وجمالاً . .
لكنها بالذات هى التى تحظى بالتركيز عليها . .
فتصبح الوحيدة ،
التى تستأثر بعواطفه ،
وتمتلك كل تفكيره ،
وتهون التضحية من أجلها بكل شئ . .
ثم أضاف :
- إننى أتصور – يا أبنائى – أن حركة الحب
لا تقل إعجازاً عن حركة الأفلاك !
الخجل من الحب
سألت نفسى كثيراً
- هل الحب شعور موحد لدى كل مَنْ يحب ،
أم أنه يتنوع باختلاف الأفراد والتجارب ؟
لم أستطع أن أحصل على إجابة شافية ،
لأن معظم الناس حولى
ما زالوا يخجلون من الحديث عن الحب !
الحب والملل
أشد أعداء الحب هو الملل
إنه مثل دودة القطن ، التى تلتصق به فتفسده
وكلما حاول الفلاح إبادتها ازدادت مقاومتها تشبثاً
وهولا يستطيع أن يتخلص منها
إلا إذا أبعدها تماماً عن النبات
لكن بعد أن تكون قد تركت عضّتها فيه !
قانون الحب والطبيعة
الذى يتأمل حياة الحيوانات فى الغابة
يمكنه أن يفسر الكثير من أسرار الحياة . .
فمن أجل توازن الطبيعة . .
تلتهم الأسود بعض الغزلان
لأن هذه الغزلان لو عاشت
لامتلأت بها الغابة ،
وقضت بالتالى على كل ما بها من أعشاب !
ولمثل هذا السبب . . كان الزواج
بشروطه ، وطقوسه ، وتكاليفه
لأنه لولاه . . لنجحت كل حالات الحب ،
وامتلأت الدنيا بالبشر !
الشئ الذى نحبه !
بعضنا يحب العمل
وبعضنا يحب النجاح
وبعضنا يحب المال
وبعضنا يحب السلطة
وبعضنا يحب المتعة الحسية
وبعضنا يحب المتعة الروحية
إذن . . لا يوجد أحد منا " لا يحب " !
وهنا يقول سبينوزا :
- إن كل سعادتنا ، وكل شقائنا
يكمن فى نقطة واحدة :
ما هو نوع الشئ الذى نحبه ؟ !
رحلة روميو وجولييت
يعتقد العشاق
أن ارتباطهم العنيف بعضهم ببعض
يرجع إلى حق إلهى ،
أسمى من قوانين البشر . .
لذلك فإن روميو وجولييت
عندما وجدا أمامهما
عقبات الأهل ،
وقيود المجتمع
قررا أن يرحلا معاً . .
من هذه الدنيا
التى تطبق القوانين البشرية
إلى النبع الصافى . . للقوانين الإلهية .
الوجه المظلم للحب
الذين انكسروا من الحب
كتبوا عنه أسوأ الأوصاف
حتى جعلوه يبدو مثل الوجه المظلم من القمر
قال أناتول فرانس :
- الحب مثل مرض الكبد
لا نتأكد منه أبداً
إلا عندما نسقط به مرضى
وقال ألفونس كار
- يجب أن نحب مثلما نأكل السمك
وهذا يعنى : أن نأكله بحذر
حتى لا تنغرز أشواكه فى حلوقنا !
وقال آخر ، لا أذكر اسمه :
- إذا أردت أن تخفف من قسوة الحب عليك
فتخّيلْ أن المرأة التى تحبها
ليست إلا آلة تنفس ، وجهاز هضم ،
وكليتيْن ، وأنبوباً للطرد ، وأنفاً يتمخط ،
وفماً يأكل ،
ورائحة عرق يتفصد من جسد آدمى !
أما اللورد بايرون ،
فقد أطلق على الحب لقب " إله الشر "
وأضاف :
- لأننا لا يمكننا أن نطلق عليه لقب " الشيطان " !
وقال بعضهم :
- الحب مثل " دور كوتشينة " بين اثنيْن :
أحدهما يغش ليكسب ،
والآخر يغش لئلا يخسر !
مأثورات سوداء
وكان شيخنا العاشق
يحفظ العديد من المأثورات السوداء ،
عن حب النساء
قال ذات يوم :
- لدى معظم النساء ،
المرأة التى تحب رجلاً ،
فإن هذا يعنى أنها تخون رجلاً آخر !
وقال :
- إنه حتى بالنسبة لامرأة نزيهة ومترفعة ،
فإن الحب يظل مشروعاً مربحاً !
وقال :
- المرأة العاشقة . . مثل عبد يضطر سيده ليحمل
عنه سلاسله !
وقال :
- إن حب المرأة لزوجها مثل المال الذى تدفعه لمقاول
فى حين أن حبها لعشيقها . . مثل الصدقة !
ثم تنهد وقال :
- الرجال هم الذين أحاطوا الحب بالكثير من القدسية،
إذن . . لماذا تظلمون النساء ؟ !
الحب والمعاناة
لاحظت أن أكثر ما قيل عن الحب ليس صحيحاً
لأن بعض من كتب عنه وصفوه من الخارج
وفريقاً آخر وصف منه جانباً ، وترك الباقى . .
وهناك من تحدث عنه ثأراً ، أو استخفافاً . .
لكن هناك من كتب عنه بعد أن غمس قلمه فى دم قلبه
مثل الفيلسوف الألمانى شيللر ،
الذى قال :
- الوحيد الذى يعرف الحب
هو الذى يحب بدون أمل !
ليس من العدل
تساءلت كثيراً :
- هل من العدل
أن يسكت المجتمع
عن حب الرجل لفتاة أصغر منه
بينما يستنكر بشدة
حب المرأة لشاب يصغرها فى السن !
لماذا أحب هذه الفتاة ؟
- ما الذى يجعلنى أحب هذه الفتاة بالذات
من بين سائر فتيات العالم ؟
هذا هو السؤال الوحيد ،
الذى لم يستطع شيخنا العاشق
أن يقنعنى أبداً بالإجابة عليه
وكان مما قاله ، معتمداً على أفلاطون :
إن أرواح المحبين مثل الدوائر المقسومة نصفين ،
كل نصف يظل يبحث عن نصفه الآخر . . حتى يجده
وأذكر أننى يومها اعترضت
بأننا – أحياناً – نقع فى حب من كنّا نعرفها سلفاً . .
ولو كان الأمر كذلك
لأحببناها من أول نظرة !
الزواج من الحب الأول
من النادر أن تجد إنساناً ،
تزوج من حبه الأول !
لكننى أعرف واحداً حدث له ذلك . .
قابلته بعد العديد من سنوات الزواج ،
وتربية الأولاد ،
وحوادث الزمن ،
فلم أجد لديه أى رغبة فى الحديث عن حبيبته . .
وكلما حاولت اجتذابه لذلك ،
شرد بعيداً ، وصمت . .
فى نهاية اللقاء ، قلت له :
-أتذكر الليالى الطوال التى كنت تحدثنى عنها ؟
نظر إلىّ بإصرار عنيد ، وقال :
- أذكر .
الحب والفضائل
أعجبتنى جداً نظرية تقول
إن الحب هو صمام الأمان لجميع الفضائل الأخلاقية
فالشجاعة بدون حب قد تصبح تهوراً
والكرم قد يتحول إلى تظاهر أمام المجتمع
والعلم والحكمة ، قد يضنّ بهما صاحبهما عن الناس،
فيختفيان بالأنانية !
وهكذا فإن الحب هو الذى ينظم كل تلك الفضائل ،
ويضفى عليها الطابع ،
الذى يجعلها أكثر إنسانية !
نادي الابداع العربي

0 التعليقات:
إرسال تعليق
التعليقات الجارحة او التي تحتوي روابط واشهار وسبام ممنوعة منعا باتا